أëàâيàے رëَ÷àéيàے ًٌٍàيèِà


دîëهçيîه:

تàê ٌنهëàٍü ًàçمîâîً ïîëهçيûى è ïًèےٍيûى تàê ٌنهëàٍü îلْهىيَ‏ çâهçنَ ٌâîèىè ًَêàىè تàê ٌنهëàٍü ٍî, ÷ٍî نهëàٍü يه ُî÷هٌٍے? تàê ٌنهëàٍü ïîمًهىَّêَ تàê ٌنهëàٍü ٍàê ÷ٍîلû وهيùèيû ٌàىè çيàêîىèëèٌü ٌ âàىè تàê ٌنهëàٍü èنه‏ êîىىهً÷هٌêîé تàê ٌنهëàٍü ُîًîَّ‏ ًàٌٍےوêَ يîم? تàê ٌنهëàٍü يàّ ًàçَى çنîًîâûى? تàê ٌنهëàٍü, ÷ٍîلû ë‏نè îلىàيûâàëè ىهيüّه آîïًîٌ 4. تàê ٌنهëàٍü ٍàê, ÷ٍîلû âàٌ َâàوàëè è ِهيèëè? تàê ٌنهëàٍü ëَ÷ّه ٌهله è نًَمèى ë‏نےى تàê ٌنهëàٍü ٌâèنàيèه èيٍهًهٌيûى?


تàٍهمîًèè:

ہًُèٍهêًٍَàہًٌٍîيîىèےءèîëîمèےأهîمًàôèےأهîëîمèےبيôîًىàٍèêàبٌêٌٌٍَâîبٌٍîًèےتَëèيàًèےتَëüًٍَàجàًêهٍèيمجàٍهىàٍèêàجهنèِèيàجهيهنوىهيٍخًُàيà ًٍَنàدًàâîدًîèçâîنٌٍâîدٌèُîëîمèےذهëèمèےرîِèîëîمèےرïîًٍزهُيèêàشèçèêàشèëîٌîôèےصèىèےفêîëîمèےفêîيîىèêàفëهêًٍîيèêà






ئدليلُ النَّذْرِ قوله تعالى ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا﴾[الإنسان:7]

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم هب لنا من لدنك رحمة، وهيَّأ لنا من أمرنا رشدا، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما وعملا، يا أكرم الأكرمين.

أما بعد: فهذه صلة لما سبق الكلام عليه؛ من أن العبادة حق لله جل وعلا، وأن كل معبود سوى الله جل وعلا فإن عبادته بغير الحق وأنها بالباطل والظلم والطغيان والجور والتعدي من الخلق، فالله جل وعلا هو الذي يستحق العبادة وحده دونما سواه من خلقه.

وبعد أن ذكر أنواع العبادات التي موردها اللسان والقلب والجوارح قال رحمه الله (فمن صرف منها شيئا لغير الله فهو مشرك كافر والدليل قوله تعالى ﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ﴾[المؤمنون:117])، (من صرف) يعني من توجه بشيء من أنواع تلك العبادات لغير الله فهو مشرك كافر، يريد الشرك الأكبر الذي يخرج من الملة، والشرك حقيقته اتخاذ الند مع الله جل وعلا، وهو المذكور في قوله ﴿فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾[البقرة:22]، والتنديد يعني أن يُجعل لله مِثْل للاستحقاق؛ استحقاق التوجه، استحقاق العبادة، إذا جُعل لله ند إما بالقول أو بالعمل فذلكم هو الشرك، وكل نوع من هذه الأنواع، وغيرُها من الأنواع التي تدخل في مسمى العبادة، صرْفها لغير الله جل وعلا شرك أكبر يخرج من الملة، وصاحبه مشرك كافر؛ إما الكفر الظاهر، وإما الكفر الظاهر والباطن معا. وهذا الذي ذكره برهن له بقوله تعالى (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ) وقوله هنا (لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ) هذا بيان لحقيقة من دعي مع الله جل وعلا، قال (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ) هذا الإله الآخر، وهذا الداعي منعوت بأنه لا برهان له بما فعل، ولا دليل، وإنما فعل ما فعل من دعوة غير الله لخواص وبتعديه. وقوله (لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ) ليس مفهومه أن ثم دعوة لغير الله تعالى ليس لها برهان وإنما كل دعوة لغير الله، (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ) أيَّ إله كان، فإن ذلك الداعي لا برهان له بما فعل، والدليل على أن دعوة غير الله جل وعلا كفر؛ قوله جل وعلا في الآية نفسها (إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ) فدل على أن دعاء غير الله -كما أنه شرك- إذ دُعي إله آخر مع الله جل وعلا فهو كفر؛ لأنه قال (إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ).

والشرك أقسام والعلماء يَقْسِمون الشرك باعتبارات مختلفة.

· فتارة يُقسم الشرك إلى شرك ظاهر وشرك خفي.

· وتارة يُقسم الشرك إلى شرك أكبر وشرك أصغر.

· وتارة يُقسم إلى شرك أكبر وأصغر وخفي.

وهذه تقسيمات معروفة عند العلماء، وكل تقسيم باعتبار، وهي تلتقي في نتيجة كل قسم والتعريف؛ لكنه اختلاف في التقسيم باعتبارات مختلفة.

فمثلا من يقسمون الشرك إلى ظاهر وخفي؛ إلى جلي وخفي:

· فيكون الجلي منه ما هو أصغر ومنه ما هو أكبر، الجلي الظاهر الذي يُحَس مثل الذبح لغير الله، النذر لغير الله هذا جلي، هذا من نوع الشرك الأكبر، هو جلي أكبر، كذلك مثل الاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، كذلك هذه من نوع الشرك الجلي الأكبر، الحلف بغير الله تعالى شرك جلي ولكنه أصغر، هذا قسم شرك جلي.

· قَسِيمُه الشرك الخفي منه ما هو أكبر كشرك المنافقين، فإن شركهم خفي لم يظهروه وإنما أظهروا الإسلام، فما قام في قلوبهم من التنديد والشرك صار خفيا لأنهم لم يُظهروه، فهو شرك خفي ولكنه أكبر، وهناك شرك خفي أصغر مثل يسير الرياء، فإن كان الرياء كاملا كان ذلك شركا أكبر كشرك المنافقين، وإن كان يسيرا كتصنُّع المرء للعبادة لمخلوق مثله لغير الله فهذا إذا كان يسيرا فإنه شرك أصغر خفي.

هذا نوع من أنواع التقاسيم.

بعض العلماء يقول الشرك قسمان أكبر وأصغر:

· فإذا كان أكبر: قَسم الأكبر إلى جلي وخفي.

· وقسم الأصغر إلى جلي وخفي.

والأوضح أن يقسم إلى ثلاثة إلى أكبر وأصغر وخفي:

· ويكون الخفي مثل يسير الرياء.

· والأصغر مثل الحلف بغير الله، تعليق التمائم ونحو ذلك.

· والأكبر مثل الذبح والنذر والاستغاثة و دعاء ودعوة غير الله جل وعلا.

هذه تقسيمات للشرك قد تجد هذا أو ذاك في كلام طائفة من أهل العلم، لكن كلّها محصلها واحد، وإنما التقسيم باعتبارات، وهي ملتقية في التعريف وفي النتيجة.

مُراد الشيخ رحمه الله تعالى هاهنا بقوله (فمَنْ صَرَفَ منها شيئًا لغيرِ الله فهو مُشرِكٌ كافرٌ) يريد الشرك الأكبر الذي يُخرج من الملة، فكل شيء صح عليه قيد العبادة فإن صرفه لغير الله -يعني التوجه به، التعبد به لغير الله- هذا كفر؛ مثل نداء الموتى، أو نداء الغائبين، أو خوف السر، أو الذبح لغير الله، أو النذر لغير الله، أو الاستغاثة بالأموات، أو أنواع الطلب المختلفة من الاستعانة ونحوها، أو بعض أعمال القلوب مثل الاستعاذة ونحو ذلك. هذه كلها أنواع للعبادات بعضها في القلب وبعضها للجوارح، جميعا من توجه بشيء منها لغير الله فهو مشرك الشرك الأكبر الذي يخرج من الملة. البرهان قوله (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ) وقد قدمت لك أن (يَدْعُ) والدعاء في القرآن قد يكون دعاء مسألة وقد يكون دعاء عبادة، فإذا لم يكن في الدليل، في النص قرينة تحدد أحد المعنيين، حُمل على المعنيين جميعا؛ لأن حمل النص على أحد المعنيين دون دليل وبرهان تحكُّم في النص وذلك لا يجوز.

قال رحمه الله (وفي الحديثِ «الدُّعَاءُ مُخُّ العِبَادَة»)، (الدُّعَاءُ مُخُّ العِبَادَة) يعني لبُّها وجوهرها، وهو كما جاء في الحديث الآخر الصحيح؛ حديث النعمان «الدُّعَاءُ هُوَ العبادة» وكما قال جل وعلا (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) وسبق أن أوضحت لكم هذه المسألة بتفصيل فيما مضى.

بعد ذلك شرع المؤلف -رحمه الله تعالى وأجزل له المثوبة- في بيان أدلة كون تلك التي ذكر من العبادات، وذكر الخوف، وذكر الرجاء، وذكر الرغبة، وذكر الرهبة، وذكر الخشوع، وذكر التوكل، وذكر أشياء، والذبح والنذر، إلى آخره.

فكأنَّ قائلا قال: ما الدليل على أن هذه من العبادات التي من صرَفها لغير الله جل وعلا كَفر؟ هو يسوق الأدلة، والأدلة على هذه المسألة على نوعين:

الأول: أن يُستدل بدليل يُثبت كون تلك المسألة من العبادة، يثبت كون الخوف من العبادة، يثبت كون الرجاء من العبادة، فإذا ثبت كونه من العبادة، أُستدل بالأدلة السابقة كقوله ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ﴾[الجن:18]، وقوله «الدعاء هو العبادة»، «الدُّعَاءُ مُخُّ العِبَادَة»، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي ﴾[غافر:60]، ونحوها من الأدلة العامة؛ بأن من توجه بالعبادة لغير الله فهو مشرك.

إذن النوع الأول متركب من شيئين، الأول أن يقام الدليل على أن هذه المسألة من العبادة؛ على أن الخوف من العبادة، على أن الرجاء من العبادة، فإذا استقام الدليل والاستدلال على أن هذه المسألة من العبادة، استدللتَ بالأدلة العامة على أن من صرف شيئا من العبادة لغير الله فهو مشرك، هذا نوع.

النوع الثاني: خاص؛ وهو أن كل نوع من تلك الأنواع له دليل خاص، يُثبت أن صرفه لغير الله جل وعلا شرك، وأنه يجب إفراد المولى جل وعلا بذلك النوع من أنواع العبادة.

وهذا مما ينبغي أن يتنبه له طالب العلم في مقامات الاستدلال، لأن تنويع الاستدلال عند الاحتجاج على الخرافيين والقبوريين وأشباههم مما يقوي الحجة. تُنوِّع الاستدلال مرة بأدلة مجملة، مرة بأدلة مفصلة، مرة بأدلة عامة، مرة بأدلة خاصة حتى لا يُتوهَّم أنه ليس ثم إلا دليل واحد يمكن أن ينازع المستدل به الفهم، فإذا نوعتها صارت الحجة أقوى والبرهان أجلى.

بدأ في ذكر هذه الأدلة، بعضها من النوع الأول وبعضها من النوع الثاني:

قال رحمه الله (دليلُ الخوفِ) يعني دليل كون الخوف عبادة (قوله تعالى ﴿فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾[آل عمران:185]) هذا الدليل فيه أن الخوف من غير الله منهي عنه، وأن الخوف من الله جل وعلا مأمور به، قال جل وعلا (فَلَا تَخَافُوهُمْ) نهي عن الخوف من غير الله، ثم قال (وَخَافُونِي) وهذا أمر بالخوف من الله جل وعلا، وما دام أن الله جل وعلا أمر بالخوف منه فإنه يصدق على الخوف إذن تعريف العبادة؛ لأنه إذ أمر بالخوف منه فمعنى ذلك أن الخوف منه محبوب له مرضي عنده، فيصدق عليه تعريف شيخ الإسلام للعبادة أنها اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، وهذا ما دام أنه أمر به فمعناه أن الله جل وعلا يحبه، لأنه إنما يأمر شرعا بما يحبه ويرضاه، وفي هذه الآية دليل من النوع الثاني؛ وهو أن الخوف يجب أن يفرد به الله جل وعلا، قال ها هنا (وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) فجعل حصول الإيمان مشروطا بالخوف منه جل وعلا، قال (وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)؛ إن كنتم مؤمنين فخافوني ولا تخافوهم، وهذا فيه دليل على إفراد الله جل وعلا بهذا النوع من الخوف، والخوف الذي يجب إفراد الله جل وعلا به، ومن لم يفرد الله جل وعلا به فهو مشرك كافر هو نوع من أنواع الخوف وليس كل أنواع الخوف وهو خوف السر؛ وهو أن يخاف غير الله جل وعلا بما لا يقدر عليه إلا الله جل وعلا، وهو المسمى عند العلماء خوف السر؛ وهو أن يخاف أن يصيبه هذا المخوف منه، أن يصيبه ذلك الشيء بشيء في نفسه-يعني في نفس ذلك الخائف- كما يصيبه الله جل وعلا بأنواع المصائب من غير أسباب ظاهرة ولا شيء يمكن الاحتراز منه، فإن الله جل وعلا له الملكوت كله، وله الملك وهو على كل شيء قدير، بيده تصريف الأمر، يرسل ما يشاء من الخير، و يمسك ما يشاء من الخير، يرسل المصائب، وكل ذلك دون أسباب يعلمها العبد، وقد يكون لبعضها أسباب، لكن هو في الجملة من دون أسباب يمكن للعبد أن يعلمها، يموت هذا، ينقضي عمر ذاك، هذا يموت صغيرا، ذاك يموت كبيرا، هذا يأتيه مرض، وذاك يصيبه بلاء في ماله ونحو ذلك، الذي يفعل هذه الأشياء هو الله جل وعلا، فيُخاف من الله جل وعلا خوف السر أن يصيب العبد بشيء من العذاب في الدنيا أو في الآخرة، المشركون يخافون آلهتهم خوف السر؛ أن يصيبهم ذلك الإله، ذلك السيد، ذلك الولي، أن يصيبهم بشيء كما يصيبهم الله جل وعلا بالأشياء، فيقع في قلوبهم الخوف من تلك الآلهة من جنس الخوف الذي يكون من الله جل وعلا، يوضح ذلك أن عُبَّاد القبور وعباد الأضرحة وعباد الأولياء يخافون أشد الخوف من الولي أن يصيبهم بشيء إذا تُنُقِّص الولي، أو إذا لم يُقَم بحقه.

وقد حُكِيَ لي في ذلك حكاية من أحد طلبة العلم، أنه كان مجتازا مرة مع سائق سيارة أجرة ببلدة (قنطة) المعروفة في مصر التي فيها قبر البدوي؛ والبدوي عندهم معظم، وله من الأوصاف ما لله جل وعلا؛ يعني يعطونه من الأوصاف بعض ما لله جل وعلا، هم اجتازوا بالبلدة فأتى صغير -متوسط في السن- يسأل هذا؛ يسأله صَدقة، فأعطاه شيئا، فحلف له بالبدوي أن يعطيه أكثر، وكان من العادة عندهم أنه من حلف له مثل ذلك فلا يمكن أن يرد، فلا بد أن يعطي؛ لأنه يخاف أن لا يقيم لذلك الولي حقه، فقال هذا -وهو من طلبة العلم والمتحققين بالتوحيد- فقال: هات ما أعطيتك. فظن ذلك أنه يريد أن يعطيه زيادة، فأخذ ما أعطاه وقال: لأنك أقسمت بالبدوي فلن أعطيك شيئا، لأن القسم بغير الله شرك.

هذا مثال للتوضيح ليس من باب القصص لكنه يُوضِح المراد من خوف السر وضوحا تاما.

سائق الأجرة علاهُ الخوف في وجهه، ومضى سائقا وهو يقول: أُسْتُر أُسْتُر، أُسْتُر أُسْتُر. فسأله ذاك قال: تخاطب من؟ قال: أنت أهنت البدوي، وأنا أخاطبه -أي أدعوه- بأن يستر، فإن لم...، فإننا نستحق مصيبة، وسيرسل علينا البدوي مصيبة؛ لأننا أهناه. وكان في قلبه خوف بحيث أنه مشوا أكثر من مئة كيلو ولم يتكلم إلا بأُستر، أستر. يقول فلما وصلنا سالمين معافين توجهت له فقلت: يا فلان أين ما زعمت؟ وأين ما ذكرت من أن هذا الإله الذي تألهونه أنه سيفعل ويفعل؟ فتنفس الصعداء وقال: أصل السيد البدوي حليم!!!

هذه الحالة هي حالة تعلق القلب بغير الله، الذي يكون عند الخرافيين، خوف من غير الله خوف السر، البدوي ميت في قبره، يخشى أن يرسل إليه أحد يقسمه، أو مصيبة في سيارته أو في نفسه، هذا هو خوف السر، وهذا هو الذي جاء في مثل قول الله جل وعلا ﴿وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾[الأنعام:81]، قال (وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ) لأنهم يخافون آلهتهم هذا النوع من الخوف، لهذا تجد قلوبهم معلقة بآلهتهم لأنهم يخافونهم خوف السر، وقال جل وعلا مخبرا عن قول قوم هود حيث قالوا لهود ﴿إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ ﴾[هود:54]، فهم خافوا الآلهة، عندهم أن الآلهة تصيب بسوء، وكان الواجب على حد زعمهم أن يخاف هذا من الآلهة أن تصيبه بسوء، فقالوا له (إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ) يعني بمصيبة في نفسك اختل عقلك، أو اختلت جوارحك أو نحو ذلك، هذا النوع من الخوف هو الذي إذا صرف لغير الله جل وعلا فهو شرك أكبر.

هناك أنواع من الخوف خوف جائز وهو الخوف الطبيعي: أن يخاف من الأسباب العادية التي جعل الله فيها ما يخاف ابن آدم منه، أن يخاف من النار أن تحرقه، يخاف من السبع أن يعدو عليه، من العقرب أن تلدغه، يخاف من ذي سلطان غشوم أن يعتدي عليه ونحو ذلك، هذا النوع خوف طبيعي من الأشياء، لا يُنقص الإيمان؛ لأنه مما جبل الله جل وعلا الخلق عليه.

هناك نوع، خوف محرم، هذا القسم الثالث لأن الخوف أربعة أقسام([8])، قسم منه شركي؛ شرك أكبر، وقسم منه جائز، وقسم محرم وهو أن يخاف من الخلق في أداء واجب من واجبات الله، يخاف من الخلق في أداء الصلاة، يخاف إن قام للصلاة من مجلس يقطنه كثيرون أن يعاب، فإذا خاف هذا الخوف، فإن هذا الخوف يكون محرما، وفي مثله نزل قوله تعالى ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾[آل عمران:173]، وفي قوله ﴿فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾[آل عمران:185]، لأن الواجب أن يُجَاهَدوا، فإذا خافوهم عن أداء ذلك الواجب، خوف ليس بمأذون به في الشرع وإنما هو من تَسْوِيل الشيطان كما قال ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ ﴾[آل عمران:175]، هذا النوع من الخوف محرم، لا يجوز؛ لأن فيه تفويت فريضة من فرائض الله لأجل الخوف، خاف من غير الله لكنه ليس خوف السر، وإنما هو خوف ظاهر، وهذا محرم من المحرمات.

هذه أقسام ثلاثة مشهورة، وبها تجمع مسائل أقسام الخوف، والشرك منه وما ليس بشركي منه، وهذه المسألة مما يكثر فيها اضطراب طلاب العلم؛ لأنه ليس عندهم ضبط، للخوف الذي يحصل به إن صُرف لغير الله جل وعلا الشرك، الذي يوصف به من قام به أنه مشرك، أيُّ خوف هذا؟ هو خوف السِّر، ووصفه وضبط حاله هو ما ذكرته لك من قبل، فكن منه على ذكر وبينة في فهمك لهذه المسألة العظيمة.

الخوف عبادة قلبية موردها القلب، قد يظهر أثره على الجوارح.

قال بعد ذلك (ودليلُ الرَّجاءِ قوله تعالى ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾[الكهف:110]) الرجاء أيضا عبادة قلبية، حقيقتها الطمع بالحصول على شيء مرجو، الرغبة بالحصول على شيء، يرجو أن يحصل على هذا الشيء.

فإن كان الرجاء لشيء ممن يملك ذلك الشيء فإن هذا رجاءٌ طبيعي؛ أرجو أن تحضر لأنه يمكنك أن تحضر، أرجوك أن تفعل، يمكنك أن تفعل، هذا الرجاء ليس هو رجاء العبادة.

النوع الثاني هو رجاء العبادة، وهو أن يطمع في شيء لا يملكه إلا الله جل وعلا، أن يطمع في شفائه من مرض، يرجو أن يشفى، يرجو أن يدخل الجنة وينجو من النار، يرجو أن لا يصاب بمصيبة ونحو ذلك، هذه أنواع من الرجاء، لا يمكن أن تُرجى وتُطلب وتُؤمل إلا من الله جل وعلا، وهذا هو معنى رجاء العبادة.

فالرجاء منه ما هو رجاء عبادة ومنه ما هو رجاء ليس من العبادة، والمقصود ها هنا هو رجاء العبادة.

قال جل وعلا (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) هذا النوع من الرجاء امتدح الله جل وعلا من قام به، قال (مَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا) فدل على أن هذا الرجاء ممدوحٌ مَنْ رجاهُ، وإذا كان ممدوحا قد مدحه الله جل وعلا فهو مرضي عند الله جل وعلا، فيصدق عليه حد العبادة من أنها اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، وهذا -من نص هذه الآية- داخل فيما يرضاه الله جل وعلا، لأنه أثنى على من قام به ذلك الرجاء، وقوله هنا (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ)، (اللقاء) فُسر بالملاقاة، وفُسر بالمعاينة، وفُسر بالرؤية؛ رؤية الله جل وعلا، (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ) لملاقاة الله جل وعلا والرجوع إليه، أو فمن كان يرجو رؤية ربه، لأن اللقاء يحتمل هذا وذاك وهما تفسيران مشهوران عن السلف.

قال بعدها (ودليلُ التَّوكُّلِ قوله تعالى ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾[المائدة:23]) التوكل أيضا من العبادات القلبية، حقيقته أنه يجمع شيئين:

الأول: تفويض الأمر إلى الله جل وعلا.

الثاني: عدم رؤية السبب بعد عمله.

والتفويض وعدم رؤية السبب شيئان قلبيان، فالعبد المؤمن إذا فعل السبب، وهو جزء بما تحصل به حقيقة التوكل، فإنه لا يلتفت لهذا السبب، لأنه يعلم أن هذا السبب لا يُحَصِّل المقصود، ولا يحصل المراد به وحده، وإنما قد يحصل المراد به وقد لا يحصل؛ لأن حصول المرادات يكون بأشياء:

à منها السبب.

à ومنها صلاحية المحل.

à ومنها خلو الأمر من المضاد.

فثَم ثلاثة أشياء تحصل بها المرادات:

أول سبب: نعلم ِبمَا خلق الله جل وعلا خلقه عليه أن هذا السبب يُنتج المسبَّب؛ النتيجة.

الثاني: صلاحية المحل لقيام الأمر به؛ الأمر المراد.

الثالث: خلو الأمر أو المحل من المضاد له.

مثاله الدواء، النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالدواء فقال «تداووا عباد الله» فالمسلم الموحد يتناول الدواء باعتباره سببا للشفاء، لكنه ليس سببا أو ليس علة وحيدة، بل لا يحصل الشفاء بهذا وحده، وإنما لابد من أشياء أخر، منها أن يكون المحل الذي هو داخل الإنسان-باطن متناول الدواء- يكون صالحا لقبول ذلك الدواء، وهذا معنى قولي: أن يكون المحل صالحا. أيضا من العلل التي يكمل بها المراد أن يكون السبب هذا الذي عمل خاليا من المعارض له، قد يكون يتناول شيء وفي البدن ما يفسد ذلك الشيء، فلا يصل إلى المقصود.

à ومنها وهو الأعظم أن يأذن الله جل وعلا بأن يكون السبب مؤثرا منتجا للمسبّب ، وهذا يعطيك أن فعل السبب ليس كافيا في حصول المراد.

من الأمثلة التي نُمَثِّلُ بها كثيرا في هذا الباب غير مثال الدواء، رجل رام سفرا على سيارة، فأعد العدة، وفعل أسباب السلامة جميعا؛ من رعاية مثلا للكابحات (الفرامل)، ومن رعاية للإطارات ونحو ذلك، فعل أسباب السلامة جميعا، وسار على مهل، هذا كل ما يمكنه أن يفعله، لكن هل هذا وحده يحصل السلامة؟ لا يحصل السلامة هذا وحده، فهناك من قد يكون معتديا عليه، تأتيه سيارة كبيرة، هو قد بذل أسباب السلامة، وتأتيه في طريقه، ويصاب بالمصيبة من جرّاء ذلك، فهو فعل ما يمكنه أن يفعله، لكن هناك أشياء بيد الله جل وعلا تتم السلامة باجتماعها، وليس بهذا السبب الوحيد الذي عمله العبد، لا يجوز للعبد أن يتخلى عن بذل السبب لأن بذل السبب من تمام التوكل ولكن لا يُلتفت إلى السبب ولهذا قال علماؤنا -علماء التوحيد من أئمة السلف فمن بعدهم-: الالتفات إلى الأسباب قدح في التوكل. الالتفات إلى الأسباب قدح في التوحيد، ومحو الأسباب أن تكون أسبابا قدح في العقل، إذا التفت القلب إلى السبب وأنه ينتج المسبب هذا قدح في التوحيد.

لهذا نقول التوكل هو ما يجمع شيئين أولا تفويض الأمر إلى الله جل وعلا، لأن الله هو الذي بيده الملك. الثاني عدم رؤية السبب الذي فُعل.

إذن لا بد من فعل السبب، ويقوم بالقلب عدم رؤية لهذا السبب أنه ينتج المقصود وحده، وإنما يعلم أنه جزء مما ينتج المقصود، والباقي على الله جل وعلا ثم يفوض الأمر لله جل وعلا، هذا ينتج لك أن التوكل عبادة قلبية محضة، ولهذا صار صرفه لغير الله جل وعلا شرك، بمعنى أن يفوض الأمر لغير الله جل وعلا، كما يقول بعض مشايخ الصوفية لبعض مريديهم: إذا أُصبت بمصيبة فاذكرني فإني أخلِّصك منها. أذكرني يقم بالقلب ذلك المتذكَّر، ذلك المذكور، وإذا قام به أنه يخلصه من ذلك الشيء، فمعناه أنه فوض الأمر إليه، وصار متوكلا على غير الله جل وعلا، وهذا هو حقيقة ما يفعله المشركون في الجاهلية ومن شابههم ممن بعدهم، (ودليل التوكل قوله تعالى ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾[المائدة:23])، ففي هذه الآية الأمر بالتوكل، وما دام أنه أمر به فهو عبادة؛ لأن العبادة ما أُمر به من غير اقتضاء عقلي ولا اطراد عرفي، وما دام أنه أمر به فهو راض له أن يُتوكل عليه، وهذا معناه كونه عبادة، ثم أيضا في هذا الدليل أنه جعل التوكل شرطَ الإيمان، فقال (وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ) فمعنى ذلك أنه لا يحصل الإيمان إلا بالتوكل على الله وحده. أيضا هنا قدم الجارّ والمجرور فقال (وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا) وتقديم ما حقه التأخير في علم المعاني يفيد الحصر والقصر، أو يفيد الاختصاص، وهنا يفيدهما؛ يفيد الاختصاص، ويفيد القصر والحصر، فمعنى هذه الآية بقوله (وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا) يعني أحصروا توكلكم في الله، اقصروا توكلكم على الله إن كنتم مؤمنين، خُصُّوا الله بتوكلكم إن كنتم مؤمنين، وهذه الآية، هذا الدليل مركب من نوعي الدليل الذَين ذكرتهما لك من قبل، النوع الأول: إثبات أن هذا الأمر عبادة، الثاني: إثبات أن هذه العبادة يجب صرفها لغير الله جل وعلا بدليل خاص، فهو المستفاد من قوله (فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ) وكذلك في قوله (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) هذا فيها الثناء على من يتوكل على الله، ففيها الدليل على أن التوكل على الله عمل يحبه الله ويرضاه، ومعنى ذلك أنه من أنواع العبادات، هذا هو توكل العبادة.

وهناك شيء آخر ليس من توكل العبادة، وهو التوكيل وهو المعروف في باب الوكالة عند الفقهاء، وكلت فلانا في أمري، (ووكل علي) كما جاء في الحديث «ووكل علي عقيلا في خصومة» هذا من باب الوكالة، وهو شيء آخر غير التوكل، التوكيل والوكالة باب آخر، أما التوكل فهو عبادة قلبية، يضبط ذلك أن الوكالة فيها المعنى الظاهر، فيها شيء ظاهر، أما التوكل فهو عمل قلبي.

على كل حال، لهذه الجمل مزيد تفصيل لكن المقام يضيق عن تفصيلات ما يتعلق بهذه الأنواع من العبادات، وتفصيلها في كتاب التوحيد؛ لأن كل واحدة منها عُقد لها باب في كتاب التوحيد.

قال رحمه الله تعالى (ودليلُ الرَّغبةِ والرَّهبةِ والخشوع قوله تعالى ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾[الأنبياء:90]) هذه الآية فيها المسارعة للخيرات، الدعاء رغبا ورهبا ووصفُهم بأن حالهم أنهم كانوا خاشعين لله، ففيها أنواع من العبادات، خصّ الشيخ منها بالاستدلال الرغبة والرهبة والخشوع، ووجه الاستدلال من الآية أن الله جل وعلا أثنى على الأنبياء والمرسلين الذين ذكرهم في سورة الأنبياء، التي هذه الآية في أواخرها بقوله (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا)، يعني ويدعوننا راغبين، ويدعوننا ذوي رغبة وذوي رهبة وذوي خشوع، وهذا في مقام الثناء عليه؛ الثناء على الأنبياء والمرسلين، وما دام أنه أثنى عليهم فإن هذه العبادات من العبادات المرضية له فتدخل في حد العبادة.

الرغبة رجاء خاص، والرهبة خوف خاص وَجَلٌ خاص، والخشوع هو التطامن والذل، قال تعالى ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً ﴾[فصلت:39]، يعني ليس فيها حركة للنبات، ليس فيها حياة؛ متطامنة ذليلة ﴿فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ([9])[فصلت:39] ، فالخشوع سكون فيه ذل وخضوع، هذا الخشوع الذي هو نوع من أنواع العبادة، وتلك الرغبة وتلك الرهبة هذه من العبادات القلبية، التي يظهر أثرها على الجوارح.

لو تأملت أو رأيت حال المشركين عند آلهتهم، حال عباد القبور -مثلا- عند أوثانهم، عند المشاهد، لوجدت أنهم في خشوع، ليسوا عليه في مساجد لله ليس فيها قبر ولا قبة، وهذا مشاهد، فإنه يكون عنده وَجَلٌ خاص، رهبة، ومزيد رجاء هو الرغبة، وخشوع وتطامن وعدم حركة وسكون في الجوارح والأنفاس وحتى في الألحاظ في الرؤية، وهذا كله مما لا يسوغ أن يكون إلا لله، لأن المسلم في صلاته إذا صلى فإنه يكون يقوم به الرغبة، يقوم به الرهبة المستفادة من قوله تعالى ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾[الفاتحة:3-4]، (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) تفتح له باب الرغبات وباب الرجاء، و(مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) يفتح عليه باب الرغبة، باب الخوف من الله جل وعلا، فتأتي عبادته حال كونه راغبا راهبا، والخشوع سكونه وخضوعه وعدم حراكه في صوته وفي عمله، هذا لله جل وعلا في عبادة الصلاة، والخشوع يكون بالصوت، ويكون بالأعمال كما قال جل وعلا ﴿وَخَشَعَتْ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا ﴾[طه:108]، فالهمس لا ينافي الخشوع في الصوت، وهذه حال المصلي حين يناجي ربه جل وعلا، فهو في حال رغبة ورجاء، وفي حال رغبة ورهبة، وفي حال خشوع لربه جل وعلا، يزيد هذا في القلب، وربما غلب عليه حتى نال المقامات العالية في تلك العبادة، وربما قلَّ وَضَعُف حتى لم يُكتب من صلاته إلا عشرها أو إلا تسعها، هذا لأنه من أنواع العبادات التي يحبها الله جل وعلا ويرضاها.

فإذن وجه الاستدلال: أن الله جل وعلا أثنى على أولئك الأنبياء، وعلى أولئك المرسلين؛ لأنهم ذووا رغب، وذووا رهب، وذووا خشوع لله جل وعلا، وبالأخص هذا الدليل العام، وبالدليل الخاص في الخشوع وحده، قال هنا (وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) وكما قدمت أن الجارّ والمجرور هنا قدم على ما يتعلق به وهو اسم الفاعل (خاشع)؛ لأن الجارّ والمجرور -كما أسلفت لك- يتعلق بالفعل أو ما فيه معنى الفعل فهو اسم الفاعل أو اسم المفعول أو ما أشبهه من مصدر ونحو ذلك، وهنا قال (كَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) أصل سَبْقِ الكلام: كانوا خاشعين لنا. فلما قدم ما حقه التأخير كان ذلك مفيدا للاختصاص وللحصر وللقصر كما هو معلوم في علم المعاني.

نقف عند هذا، ونأخذ شيء من الأصول، أو نجيب عن بعض الأسئلة.


<== ïًهنûنَùàے | ٌëهنَ‏ùàے ==>
الأسئلـــة.  هذا سؤال بالمناسبة قال: هل يصح أن يُقال توكلت على الله ثم عليك؟ | الأسئلـــة

Date: 2015-06-08; view: 399; حàًَّهيèه àâٍîًٌêèُ ïًàâ; دîىîùü â يàïèٌàيèè ًàلîٍû --> رقؤہ...



mydocx.ru - 2015-2024 year. (0.008 sec.) آٌه ىàٍهًèàëû ïًهنٌٍàâëهييûه يà ٌàéٍه èٌêë‏÷èٍهëüيî ٌ ِهëü‏ îçيàêîىëهيèے ÷èٍàٍهëےىè è يه ïًهٌëهنَ‏ٍ êîىىهً÷هٌêèُ ِهëهé èëè يàًَّهيèه àâٍîًٌêèُ ïًàâ - دîوàëîâàٍüٌے يà ïَلëèêàِè‏