أëàâيàے رëَ÷àéيàے ًٌٍàيèِà


دîëهçيîه:

تàê ٌنهëàٍü ًàçمîâîً ïîëهçيûى è ïًèےٍيûى تàê ٌنهëàٍü îلْهىيَ‏ çâهçنَ ٌâîèىè ًَêàىè تàê ٌنهëàٍü ٍî, ÷ٍî نهëàٍü يه ُî÷هٌٍے? تàê ٌنهëàٍü ïîمًهىَّêَ تàê ٌنهëàٍü ٍàê ÷ٍîلû وهيùèيû ٌàىè çيàêîىèëèٌü ٌ âàىè تàê ٌنهëàٍü èنه‏ êîىىهً÷هٌêîé تàê ٌنهëàٍü ُîًîَّ‏ ًàٌٍےوêَ يîم? تàê ٌنهëàٍü يàّ ًàçَى çنîًîâûى? تàê ٌنهëàٍü, ÷ٍîلû ë‏نè îلىàيûâàëè ىهيüّه آîïًîٌ 4. تàê ٌنهëàٍü ٍàê, ÷ٍîلû âàٌ َâàوàëè è ِهيèëè? تàê ٌنهëàٍü ëَ÷ّه ٌهله è نًَمèى ë‏نےى تàê ٌنهëàٍü ٌâèنàيèه èيٍهًهٌيûى?


تàٍهمîًèè:

ہًُèٍهêًٍَàہًٌٍîيîىèےءèîëîمèےأهîمًàôèےأهîëîمèےبيôîًىàٍèêàبٌêٌٌٍَâîبٌٍîًèےتَëèيàًèےتَëüًٍَàجàًêهٍèيمجàٍهىàٍèêàجهنèِèيàجهيهنوىهيٍخًُàيà ًٍَنàدًàâîدًîèçâîنٌٍâîدٌèُîëîمèےذهëèمèےرîِèîëîمèےرïîًٍزهُيèêàشèçèêàشèëîٌîôèےصèىèےفêîëîمèےفêîيîىèêàفëهêًٍîيèêà






فَإِذَا قِيلَ لَكَ مَا الأُصُولُ الثلاثةُ التي يجبُ على الإنسانِ معرفتُها؟ فقُلْ معرِفةُ العبدِ رَبَّهُ، ودينَهُ، ونبيَّهُ محمدًاصلى الله عليه وسلم





فإذا قيلَ لكَ: مَنْ رَبُّكَ؟ فقلْ ربيَّ اللهُ الذي ربّاني ورَبَّى جميعَ العالمينَ بنعمِهِ، وهو معبودي ليس لي معبودٌ سواهُ، والدليلُ قوله تعالى ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾([6])وكلُّ ما سِوَى اللهِ عالََمٌ وأنا واحدٌ من ذلكَ العالَمِ.

فإذَا قيلَ لكَ بما عرفْتَ ربَّك؟ فقُل بآياتِه ومخلوقاتِه؛ ومِنْ آياتِه الليلُ والنهارُ والشمسُ والقمرُ، ومِنْ مخلوقاتِه السمواتُ السَّبْعُ والأَرْضُونَ السَّبع ومَنْ فيهنَّ وما بينهما، والدليلُ قولُه تعالى ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾[فصلت:37]،وقولُهُ تعالى ﴿إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾[الأعراف:54].

والرَّبُّ هو المعبودُ، والدليلُ قولُه تعالى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنْ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾[البقرة:21-22] ، قالَ ابنُ كثيرٍ رحمَهُ اللهُ تعالى: الخالقُ لهذهِ الأشياءِ هو المستحقُّ للعبادةِ.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

فهذا ابتداء من المصنف رحمه الله تعالى، لبيان المقصود من تأليف هذه الرسالة، وما قبله من المهمات التي هي موطئات لهذا المقصود؛ من بيان الواجبات الأربع، ثم الواجبات الثلاث، ثم ما يتصل بذلك.

هذه الرسالة صنفت لبيان الأصول الثلاثة؛ ألا وهي مسائل القبر؛ من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ والجواب عليها في هذه الرسالة، بل إن هذه الرسالة من هذا الموضع إلى آخرها جواب على هذه الأسئلة الثلاث، فمن كان عالما بما في هذه الرسالة من بيان تلك الأصول العظام، كان حَرِيًّا أن يُثبت عند السؤال، ذلك لأنها قُرنت بأدلتها، وقد جاء في الحديث الذي في الصحيح أن من المسؤولين في القبر من يقول: ها، ها لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئا فقلته. استدل العلماء بقول هذا المفتون في قبره (سمعت الناس يقولون شيئا فقلته) على أن التقليد لا يصلح في جواب هذه المسائل الثلاث؛ جواب (من ربك ؟) يعني من معبودك؟ جواب (ما دينك ؟)، جواب (من نبيك ؟) ولهذا يذكر الشيخ الإمام رحمه الله تعالى بعد كل مسألة مما سيأتي، يذكر الدليل من القرآن، وقد بينا في أول هذا الشرح؛ أن المؤمن يخرج من التقليد، ويكون مستدلا بما يعلمه، ويعتقده من هذه المسائل بالحق، إذا علم الدليل عليها مرة في عمره، ثم اعتقد ما دل عليه الدليل، فإن استقام على ذلك حتى موته، فإنه يكون مؤمنا؛ يعني مات على الإيمان؛ لأن استمرار استحضار الدليل والاستدلال لا يُشترط، لكن الذي هو واجب أن يكون العبد في معرفته للحق في جواب هذه المسائل الثلاث، أن يكون عن دليل واستدلال ولو لِمرّة في عمره، ولهذا يعلم الصغار والأطفال عندنا رسالة الأصول الثلاثة الأخرى التي فيها جواب أيضا مع بعض الاستدلال بأقصر مما هنا، يُعلَّمون جواب هذه المسائل الثلاث، حتى إذا بلغ الغلام أو الجارية، إذا هو قد عرف عن دليل واستدلال.

قال رحمه الله تعالى (فإذا قيل لك ما الأصول الثلاثة التي يجب على الإنسان معرفتها؟ فقل معرفة العبد ربه ودينه ونبيه محمدا صلى الله عليه وسلم)، (معرفة العبد ربه) يعني معرفة العبد معبوده؛ لأن الربوبية في هذا المقام يُراد بها العبودية، لما؟ لأن الابتلاء للأنبياء والمرسلين لم يقع في معاني الربوبية، ألم ترَ أن الله جل وعلا قال؟ ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ﴾ هذه مقتضيات الربوبية ﴿فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ﴾[يونس:31]. المشركون في كل زمان لم يكونوا ينازعون في تَوَحُّدِ الله جل وعلا في ربوبيته، ولهذا فسر العلماء سؤال القبر من ربك؟ بمن معبودك؟ لما؟ لأن الابتلاء لم يقع في الربوبية، وقد سئل الشيخ الإمام رحمه الله تعالى عن الفرق بين الربوبية والألوهية في بعض النصوص -في أحد الأسئلة التي وجهت إليه- فكان من جوابه أن قال: هذه مسألة عظيمة، وذلك أن الربوبية إذا أطلقت، أو إذا أفردت فإنه يدخل فيها الألوهية؛ لأن الربوبية تستلزم الألوهية، وتوحيد الربوبية يستلزم توحيد الإلهية، والألوهية تتضمن الربوبية. لأن الموحد لله جل وعلا في ألوهيته هو ضمنا مقر بأن الله جل وعلا هو واحد في ربوبيته، ومن أيقن أن الله جل وعلا واحد في ربوبيته استلزم ذلك أن يكون مقرا بأن الله جل وعلا واحد في استحقاق العبادة، ولهذا تجد في القرآن أكثر الآيات فيها إلزام المشركين بما أقروا به ألا وهو توحيد الربوبية على ما أنكروه ألا وهو توحيد الإلهية، من مثل قول الله جل وعلا في سورة الزمر ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ( [7] ) هذا توحيد الربوبية قال بعدها ﴿قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِي اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِي اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾[الزمر:38]، قال (قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ) والفاء هنا رتبت ما بعدها على ما قبلها؛ وما قبلها هو توحيد الربوبية وما بعدها هو توحيد الإلهية، ولهذا في القرآن يكثر أن يحتج على المشركين بإقرارهم بتوحيد الربوبية على ما أنكروه ألا وهو توحيد الإلهية، لهذا قال جل وعلا ﴿وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾[آل عمران:80]، المعنى بـ(أَرْبَابًا) أي معبودين وكذلك قوله تعالى ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾[التوبة:31]، يعني معبودين لأن عدي ابن حاتم لما قال للنبي عليه الصلاة والسلام: إنا لم نعبدهم. ففهم معنى الربوبية في الآية معنى العبادة، وهذا هو الذي يفهمه من يعرف اللسان العربي، قال النبي عليه الصلاة والسلام -كما هو معروف-: «ألم يحلوا لكم الحرام فأحللتموه، ألم يحرموا عليكم الحلال فحرمتموه» قال: بلى. فقال: «فتلك عبادتهم».

إذن الربوبية تطلق ويراد منها العبودية في بعض المواضع، تارة بالاستلزام، وتارة بالقصد. وبعض علمائنا قال إن لفظ الألوهية والربوبية يمكن أن يُدخل في الألفاظ التي يقال إنها إذا اجتمعت تفرقت وإذا تفرقت اجتمعت، وهذا وجيه.

قال الشيخ رحمه الله تعالى هنا (فقل معرفة العبد ربه ودينه ونبيه محمدا صلى الله عليه وسلم) والمعرفة ترادف العلم في حق المخلوق في أكثر المواضع، أما في حق الله جل وعلا فإن الله جل وعلا يُوصف بالعلم، ولا يوصف بالمعرفة، وذلك لأن العلم قد لا يسبقه جهل، بينما المعرفة يسبقها جهل؛ عرف الشيء بعد أن كان جاهلا به، لكن العلم قد لا يسبقه جهل به، ولهذا يوصف الله جل وعلا بالعلم، ولا يوصف بالمعرفة. أيضا يقال إن التعبير بالعلم أوجه في المواضع التي يُحتاج فيها إلى التعبير بالمعرفة وذلك لأن المعرفة أكثر ما جاءت في القرآن مذمومة لأنه يتبع المعرفة الإنكار، أما العلم فأوتي به في القرآن ممدوحا، قال جل وعلا ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾[الأنعام:20]، فهنا وصفهم بالمعرفة ثم بين أن معرفتهم تلك لم تنفعهم، وقال جل وعلا ﴿يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا ﴾[النحل:83]، لكن العلم أُثني عليه في القرآن، وأما المعرفة فربما بل أكثر المواضع فيها نوع ذم لها، لكن هذا ليس على إطلاقه، لأنه قد جاء في صحيح مسلم بن الحجاج رحمه الله تعالى في بعض طرق حديث ابن عباس الذي فيه إرسال معاذ إلى اليمن، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:«فليكن أول ما تدعوهم إليه إلى أن يعرفوا الله فإن هم عرفوا الله فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات»إلى آخره، فصارت المعرفة هنا بمعنى العلم بالتوحيد كما في الروايات الأخر، لكن التعبير بالمعرفة كما استعمله الشيخ رحمه الله تعالى هنا صحيح، وذلك لأنه قد ورد الاستعمال به، وإن كان أكثر ما جاء استعمال لفظ المعرفة في كونه مذموما.

قال هنا (معرفة العبد ربه) يعني معبوده، (معرفة العبد دينه، معرفة العبد نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم) هذه الأصول الثلاثة هي التي سيأتي تفصيلها والجواب عليها.

ثم بدأ يشرح رحمه الله تعالى، ويفصل (معرفة العبد ربه)عن طريق السؤال والجواب، لأن هذا أوقع في النفس، وأقرب إلى التعليم.

(إن قيل لك من ربك ؟ فقل ربي الله الذي رباني وربى جميع العالمين بنعمته) لفظ الربوبية فيه معنى التربية، رباه تربية ومعنى التربية تدريج المربى في مصاعد الكمال، كل كمال بحسبه، وأعظم أنواع التربية التي ربى بها الله جل وعلا الناس أن بعث لهم الرسل يعلمونهم، ويرشدونهم ما يقربهم إلى الله جل وعلا، وهذه هي أعظم نعمة، قال جل وعلا ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾[يونس:58]، فأعظم النعم المسداة إرسال الرسل، ولهذا كان من أنواع التربية التي ربى بها الله جل وعلا العالمين، ربى بها الله جل وعلا الناس، أن بعث لهم رسلا يبشرون و ينذرون، وهناك أنواع كثيرة من التربية؛ تربية الأجسام، تربية الغرائز، تربية الفكر، تربية العقل، كل هذا قد مَنَّ الله جل وعلا على ابن آدم به، وكذلك إذا نظرت إلى أوسع من ذلك من خلق الله جل وعلا الواسع، والعالمون الذين هم كل ما سوى الله جل وعلا، فتجد أن معاني الربوبية والتربية بالنعم والتربية في تدريجها في مدارج الكمال بما يناسبها، والله جل وعلا أعلم بما يَصلح ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ﴾[القصص:68]، وجدت أن معاني الربوبية في هذا المعنى الذي هو التربية ظاهر جدا، أيضا الربوبية لها معنى آخر، وهو الذي سلف من معنى توحيد الربوبية؛ يعني اعتقاد أن الله جل وعلا هو الخالق لهذا الخلق وحده، وهو الرزّاق وحده، وهو الذي يدبر الأمر، وهو القاهر، وهو ذو الملك، إلى آخر معاني الربوبية.

قال جل وعلا ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ استدل الشيخ بهذه الآية (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) معنى (الْحَمْدُ) كل حمدٍ، لأن الألف واللام هنا للاستغراق؛ استغراق أنواع الحمد، وكل حمدٍ موجود، أو وجد، أو يوجد، والحمد معناه الثناء بصفات الكمال، فهذا الحمد وهو الثناء بصفات الكمال لله، واللام هنا للاستحقاق يعني مستحَقًّا لله جل وعلا، الحمد لله كل أنواع الحمد وجميع أنواع المحامد مستحقة لله، لأن اللام هنا لام الاستحقاق.

اللام تارة تكون:

· للملك وهذا إذا كان ما قبلها من الأعيان.

· وتارة تكون للاستحقاق، وهي إذا كان ما قبلها من المعاني.

إذا قلت الدار لفلان، الدار عين، فتكون اللام لفلان يعني ملك. إذا كان ما قبل اللام معنى صارت اللام للاستحقاق، تقول الفخر لفلان يعني الفخر يستحقه فلان. (الْحَمْدُ لِلَّهِ) ، الحمد معنى لهذا صارت اللام بعده للاستحقاق، فكل حمد مستحق لله، الإله الذي لا يُعبد بحق إلا هو هذا الإله نعته أنه رب العالمين.

(رَبِّ الْعَالَمِينَ) و(الْعَالَمِينَ) جمع عالم، والعالم اسم لأجناس ما يُعلم، وهو كل ما سوى الله جل وعلا، كما قال الشيخ رحمه الله تعالى: (وكل من سوى الله عالم وأنا واحد من ذلك العالم) عالم الإنسان، عالم الطير، عالم النبات، عالم الملائكة، عالم الجن، عالم السموات، عالم الأراضين، عالم الماء، إلى آخره، (كل ما سوى الله جل وعلا عالم وأنا واحد من ذلك العالم) والعالمون جمع عالم، والعالم كل ما سوى الله جل وعلا من الأجناس المختلفة، إذن ما دام أنك واحد من ذلك العالم فأول من يخاطب بهذه الآية المؤمن، (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) فيستيقن المؤمن بتلاوته لهذه الآية ربوبية الله جل وعلا له واستحقاقه للحمد واستحقاقه جل وعلا لكل ثناء ولكل وصف بالكمالات.

ثم قال رحمه الله (فإذا قيل لك بما عرفت ربك؟) الربوبية تحتاج إلى معرفة، تحتاج إلى علم، وهذا العلم جاء في القرآن الدِّلالة عليه، قال جل وعلا ﴿قُلْ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾[يونس:101]، وقال جل وعلا ﴿أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ ﴾[الأعراف:185]، فالدعوة إلى النظر في الملكوت في القرآن، بما أستدل على الله جل وعلا على ربوبيته؟ قال الشيخ هنا (فإذا قيل لك بما عرفت ربك؟ فقل بآياته ومخلوقاته، ومن آياته الشمس والقمر والليل والنهار، ومن مخلوقاته السماوات والأرض)، لا شك أن الليل والنهار والشمس والقمر من آيات الله، كما قال جل وعلا ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ﴾[فصلت:37]،وكذلك السماوات والأرض هي آيات لله جل وعلا، كما قال أبو العتاهية في شعره السائر:

 

وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد

والشيخ رحمه الله ها هنا فرق بين الآيات والمخلوقات، مع أنه في القرآن ما يثبت أن السماوات والأرض من الآيات. فلما فرَّق؟ الجواب أن تفريق الشيخ رحمه الله تعالى بينهما دقيق جدا، وذلك أن الآيات جمع آية، والآية هي البينة الواضحة الدالة على المراد، ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾[الشعراء:190] يعني دلالة بينة واضحة على المراد منها، ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ﴾[الحجر:75] يعني لدلالات واضحات بينات على المراد منها، وهنا ننظر إلى أنه بالنسبة لمن سئل هذا السؤال، كون الليل والنهار والشمس والقمر آية أظهر منه عند هذا المسؤول أو المجيب من السموات والأرض، لما؟ لأن تلكمُ الأشياء التي وصفت بأنها آيات متغيرة متقلبة، تذهب وتجيء، أما السماء فهو يصبح ويرى السماء، ويصبح ويرى الأرض، فإِلفُه للسماء وللأرض يحجب عنه كون هذه آيات، لكن الأشياء المتغيرة التي تذهب وتجيء، هذه أظهر في كونها آية، ولهذا إبراهيم الخليل عليه السلام طلب الاستدلال بالمتغيرات، قال جل وعلا ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنْ الْمُوقِنِينَ (75) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ ﴾[الأنعام:75-76]، لما؟ لأنه استدل بهذه الحركة على الحدوث، استدل بهذا التنقل على أنه آية لغيره، فلما رأى القمر بازغا -استدل بالقمر-، فلما رأى الشمس بازغة -استدل بالشمس- لأنها متغيرات، أما السماوات والأرض فهي آيات، لكنها في الواقع عند الناظر ليست مما يدل دلالة ظاهرة واضحة على المراد عند مثل المسؤول هذا السؤال، مع كونها عند ذوي الفهم وذوي الألباب العالية أنها آيات، كما وصفها الله جل وعلا في كتابه، الشمس والقمر والليل والنهار متغيرات تقبل وتذهب، فهي آيات ودلالات على الربوبية، وأن هذه الأشياء لا يمكن أن تأتي بنفسها، لكن السماء ثابتة، الأرض ثابتة ينظر إلى هذه وهذه، وتلك متغيرات والتغير يثير السؤال، لما ذهب؟ ولما جاء؟ لما أتى الليل؟ ولما أتى النهار؟ لما زاد الليل؟ ولما نقص النهار؟ وهكذا فهي في الدلالة أكثر من دلالة المخلوقات مع أن في الجميع دليلا ودلالة، لهذا قال (فإذا قيل لك بما عرفت ربك ؟ قل بآياته ومخلوقاته) فالآيات تدل على معرفة الله والعلم بالله، وكذلك المخلوقات تدل على العلم بالله والمعرفة بالله، لكن ما سمّاه آيات أخص مما سمّاه مخلوقات، وهذا جواب اعتراض قد اعترض به بعضهم على الشيخ رحمه الله تعالى، في تفريقه بين الآيات والمخلوقات. وتفريقه رعاية لحال من يُعَلَّم هذه الأصول، تفريق دقيق مناسب رحمه الله تعالى.

(الدليل قوله تعالى وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) يعني مما يدل عليه دلالة واضحة ظاهرة بينة جلية الليل والنهار والشمس والقمر، فإن المتأمل إذا تأمل الليل والنهار، وجد هذا يدخل في هذا، وذاك يدخل في ذاك، وهذا يطول وذاك يقصر، علم أن الليل من حيث كونه ليلا، والنهار من حيث كونه نهارا، أنها أشياء لا يمكن أن تأتي بنفسها، بل هي مفعول بها، ظاهر الليل ما هو؟ ذهاب الضوء. والنهار ما هو؟ مجيء الضوء. الشمس أتت بضيائها فصار نهارا، لما ذهبت الشمس أتى القمر فصار ليل، هذا لا شك يدلّ على أن هذه الأشياء مفعول بها، وإذا كانت مفعولا بها، فمن الذي فعلها؟ هذا السؤال، الجواب عليه سهل ميسور لأكثر الناظرين، بل لكل ناظر، ألا أن هذه تدل على أنها محدثة، ولابد لها من محدث، وأن محدثها هو الذي خلقها وسيرها على هذا النحو الدقيق العجيب، وهو رب العالمين، لهذا قال في الآية الأخرى آية الأعراف ﴿إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا ﴾[الأعراف:54]، يغشي الليل يجعل الليل غشاء للنهار، يطلبه؛ هذا يذهب وهذا يطلب الآخر، يجيء مرة يأخذ الليل من النهار، ويجذبه جذبا ويطلبه طلبا حاثا، ومرة النهار يأخذ ويطلب من الليل طلبا حاثا، قال يُغشي من المُغشِي والمُغشِّي؟ هو الله جل وعلا؛ ﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾[الأعراف:54]، فذكر الربوبية في العالمين بعد ذكر هذه الأصناف من الآيات والمخلوقات.

ثم ذكر أن معنى الربوبية هو العبادة والدليل قوله جل وعلا (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ) وهذه الآية بها أمر وهو أول أمر في القرآن، أول أمر في القرآن الأمر بعبادة الله؛ قال (اعْبُدُوا رَبَّكُمْ) الرب وقعت عليه العبادة لأنه مفعول به؛ أعبدوا ربكم، فالعابد هم الناس، والمعبود هو الرب، أليس كذلك؟ فتلخص أن الرب هو المعبود؛ لأنه قال (اعْبُدُوا رَبَّكُمْ)؛ فالرب مفعول به ما الذي فعل؟ العبادة فصار معبودا، ولهذا ساق عن ابن كثير رحمه الله تعالى أن من فعل هذه الأشياء هو المستحق للعبادة، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً...) إلى آخر الآية، قال ابن كثير: الذي فعل هذه الأشياء هو المستحق للعبادة. لهذا جاء ما بعدها ما بعد الأمر بالعبادة كقوله (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ) وهو قوله (الَّذِي خَلَقَكُمْ) جاء تعليلا لما سبق، لما كان مستحقا للعبادة؟ قال (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ)، كأن سائلا سأل: لما كان مستحقا للعبادة؟ لما أمرنا أن نعبده؟ قال (الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً) إلى آخره فهذه أشياء من معاني ربوبيته، وقد ذكرنا من قبل أن الربوبية تستلزم الألوهية، وبهذا صارت الربوبية هنا في قوله (اعْبُدُوا رَبَّكُمْ) هي العبودية، والرب هو المعبود، والفاعل لتلك الأشياء هو المستحق للعبادة وحده دون ما سواه، لأنه هو وحده الذي خلق، وهو وحده الذي رزق، وهو وحده الذي جعل الأرض فراشا، وهو وحده الذي جعل السماء بناء، وهو وحده الذي أنزل من السماء ماء، والخلق جميعا لم يعملوا شيئا من ذلك، فالمستحق للعبادة هو الذي فعل وخلق وصنع وبرأ وصور وأبدع تلك الأشياء.

Date: 2015-06-08; view: 559; حàًَّهيèه àâٍîًٌêèُ ïًàâ; دîىîùü â يàïèٌàيèè ًàلîٍû --> رقؤہ...



mydocx.ru - 2015-2024 year. (0.007 sec.) آٌه ىàٍهًèàëû ïًهنٌٍàâëهييûه يà ٌàéٍه èٌêë‏÷èٍهëüيî ٌ ِهëü‏ îçيàêîىëهيèے ÷èٍàٍهëےىè è يه ïًهٌëهنَ‏ٍ êîىىهً÷هٌêèُ ِهëهé èëè يàًَّهيèه àâٍîًٌêèُ ïًàâ - دîوàëîâàٍüٌے يà ïَلëèêàِè‏